رواية حصنك الغائب بقلم ډفنا عمر الجزء الخامس
ينظر لها.. فابتسمت له ومنحته نصف تفاحتها كاملة واختبئت خلفه لتعلنها صراحتا انه أصبح ملاذها الوحيد بتلك الصحراء..بينما هو يراقبها بحسرة وخذلان وألم فاق جوعه حتى أن برد شديد سرى بعروقه وأحتل جسده المرتجف.. اقتربت عطر بذات اللحظة ومنحته نص تفاحتها مبتسمة وهي تمسك يده.. فتبدل صقيعه بدفء عجيب أنساه كل وجعه وخذلانه من الأولى.. ونبتت حوله أزهار لم ترى عينه مثيلها من قبل! ورائحة فواحة جديدة على أنفه.. وبقدر غرابتها بقدر ما أنعشته وردت روحه بقدرة عجيبة!
صوت أنثوي يشوبه بعض التردد
وعليكم السلام. ورحمة الله وبركاته..!
صباح الخير يا يزيد.. أسفة لو بتصل بدري كده بس!
استعاد جزءا من وعيه متسائلا عطر!
_ أيوة يا يزيد.. أسفة لو بتصل بدري كده بس!
_هو الساعة كام
فاعتدل بعد أن طغت الريبة على البقية الباقية من نعاسه قائلا الفجر وليه اتصلتي في وقت زي ده.. حصل حاجة عندك حد تعبان خالتي ولا عمي فيهم حاجة
_ أهدى يا يزيد في إيه كلهم بخير والله مافيش حد تعبان
انعقد حاجبيه كلكم بخير! أمال كلمتيني ليه دلوقت.. طب انتي كويسة في حاجة مضيقاكي
_ عطر.. ماتردي عليه انتي قلقتيني عليكي!
اشتم رائحة كذبها فغمغم بعد أعاد ظهره للوراء مسترخيابلاش كدب.. انتي قاصدة تكلميني.. في حاجة مضيقاكي انطقي يابنتي!
صمتت هنيهة وبعد إلحاح منه أجابته أقولك ومش هتتريق عليا زي عوايدك!
_ قولي مش هتريق.
ترقرقت عيناها لا إراديا وخيالها يعيد عليها تفاصيل حلمها المفزع به وهو يقف على حافة صخرة صخمة.. يده تبحث عن منقذ يجذبه من الحافة.. مدت يدها تحاول أنقاذه.. فلم تصل إليه.. فتزعزعت به الصخرة وأوشك على السقوط لبئر لا ترى فيه سوى الظلام.. صړخت منادية عليه فاخترق صوتها أذن والدتها التي هرولت توقظها.. ثم حذرتها أن لا تقص حلمها لأحد حتى لا يفسر..لم تخبرها.. ولن تخبره..!
تنهدت وهي تجفف دموع زحفت على وجنتها وهتفت
خلاص يا يزيد مافيش حاجة.. انا بس حلمت حلم وحش وقمت مڤزوعة.. وماما قالتلي مانحكيش أحلامنا الۏحشة لحد لأنها ممكن تتحقق..!
تذكر نصف التفاحة التي منحتها له عطر في حلمه فتمتم ببعض الشرود أنا كمان حلمت حلم.. بس مش قادر احدد هو حلو ولا وحش..!
غاص عقله بتفاصيله وتذكر بلقيس وهي تختفي خلف ذاك الغريب وتعطيه نصف تفاحتها وتركته جائع.. فشعر بنصل حاد يرشق بقلبه.. لكنه تذكر أيضا عطر وهي تمنحه النصف الأخر وكيف تبدلت صحراءه لأبهي صورة وعبأت الفضاء حوله رائحة زكية.. فتبدد حزنه لسعادة غزته بقوه! أيهمار إذا يرجح ويصنف حلمه ضيقه في الأولى ..أم سعادته مع الثانية!!
_ مش هتحكيلي حاسس بإيه بعد الحلم
تسائلت بحذر لتطمئن فراوغها لو حكتيلي حلمك.. هحكيلك حلمي!
_ مش هقدر.. ثم عادت تهمس بخجل
بس انت كويس بجد يا يزيد ومافيش حاجة مزعلاك
امتزج صوتها بحنان غريب استشعره بنبرتها..وتذكر أنه بالفعل لم يكن بحالة جيدة بعد أن تيقن من صلة ظافر بحاډث بلقيس وأنه بطريقة لا يعلمها يؤثر بها .. كيف إذا شعرت عطر بما يعانيه
_ يعني مش عايز تقولي
قاطعت استرسال ذاته بسؤالها فابتسم مجيبا بامتنان أنا كويس ياعطر.. اطمني!
تنهدت براحة فوصله تنهيدتها فتعجب قائلا يااااه.. انتي كنتي للدرجة دي قلقانة يا قردة!
لم تستاء تلك المرة.. يكفيها أن الراحة عادت تستوطن روحها بعد حلمها القاسې به.. فليقول ما يشاء..لن تغضب!
_ماشي الله يسامحك عموما انا هقفل وأسفة على اتصالي في الوقت ده!
_ ولو قولتلك ياعطر إنك اتصلتي في الوقت المناسب
_ إزاي
_ كنت محتاج حد يسأل عليا ويكلمني دلوقتي بالذات.. حد غير أمي أو بابا أو اخواتي اللي قلقهم كان هيزيد لو سمعوا صوتي..!
_ وانا افرق إيه عنهم
تسائلت بترقب فغمغم بصدق
أنتي بتقدري تغيري مودي وتخليني ابتسم واضحك طول عمرك بتقدري تعملي كده!
_ هترجع تتريق عليا أنت شايفني أراجوز بيضحك!
هتفت بحنق طفولي محبب فضحك مرددا
لا والله أنا بقول الحقيقة بدليل اهو طول المكالمة بضحك معاكي مع إني قبلها ماكنتش كده.. وبعدين أراجوز إيه ده انتي مهندسة قد الدنيا..!
ابتسمت بغرور أيوة كده اعترف بمكانتي..!
_ منا معترف يا باشا من زمان.. ولسه منتظرك عشان تيجي