نوفيلا حارة رمضان الجزء الأول
وسط هدوء غرفتها مكثت تقيم الليل وتشكر الله ساجدة علي فضله.. لا تصدق ما حدث..كل الدمى التي صنعتها وكستها بالخيامية وزينتها لتناسب شهر رمضان ابتاعها منها هارون بثمن يفوق كثيرا ما توقعته..والأكثر من ذلك انه فتح لها سبيل أخر ليستمر انتاجها ليناسب السوق طيلة العام..ما أكرمك يا الله.. الآن استراح بالها وقد وجدت عملا يناسب ظروفها.. لن تترك أطفالها وسترعاهم وتكبرهم..
يوما ما ستجني حصاد تربيتها لهم..
لا تريد سوي برهم حين تبلغ من العمر عتيا..
___________
امي بتسلم عليكي وبتقولك عايزة لمونة وكام واحدة طماطم وخيارتين وقرنين فلفل وبصلتين للسلطة علي ما تنزل السوق بكرة
وبحقيبة بلاستيكية جمعت لها ما طلبت وأكثر.
_ خدي يا جنى وسلمي على امك.. كل عام وانتم طيبين.
_ وانتي طيبة يا خالتي.
والله ما شوفت تناحة وبجاحة أكتر من كده
هكذا هتفت صباح بغيظ لتزجرها أمها بلوم عيب كده ده الجار للجار يابنتي محدش عارف حال الناس ايه ورمضان كريم وخيره كتير.
_ بس الاستغلال وحش يا ماما.. دي كل يوم تبعت تاخد حاجة..ما جوزها معاه يديها تشتري.
_ كلنا عارفين إن جوزها الله يهديه ايده ماسكة حبتين والست بتتعشم في جيرانها وأنا في كل الأحوال مقدرش ارد طلب لحد من جيراني.. وانتي كمان يا صباح اتعلمي ماترديش حد يدق بابك ويقصدك مهما حصل..بيوت المحسنين دايما عمار.
_ ربنا يرزقك بابن الحلال وافرح بيكي انتي واختك واخوكي واشوف ولادكم.
_ أيوة ادعي من قلبك يا ماما.
ضحكت لها مستعجلة علي ايه بكره تشتاقي لعز ابوكي ودلال أمك..يلا اجري شوفي اللي وراكي المغرب قرب.
_أخواتك فين يا أمنية
أجابته وهي تسكب له طبق خشاف برة في الحارة بيلعبو بالفوانيس مع العيال.
العم كامل كتر خيره هارون ماينساش الواجب ابدا.
_ اه والله يا بابا ده حتي أنا جابلي بوجي وطمطم زي العيال..
صاحت غافلة عن نظرته الثاقبة ما انت عارف يا بابا مقدرش أكسفه ده راجل محترم وجدع ومؤدب ونيته طيبة..
واستطردت وبعدين انا برضو بفهم في الأصول هجيب هدية محترمة لابنه طارق..عيد ميلاده الاسبوع ده أنا حافظاه.
تنهد وعيناه تغيم بعيدا عنها ربنا ييسرلك الخير يابنتي ويعينك علي الحمل اللي شيلتيه بدري..ياريت امك عايشة.. كانت ساعدتك شوية.
_ حسك في الدنيا يابا.. امي الله يرحمها واحنا مالناش غيرك.
_ وانا نافعكم بابه يا أمنية.. أنا عبء تقيل يابنتي.. ياريت ..
ربت علي رأسها بحنان وتمتم بدعاء خالص من القلب ألا يريه مكروه بها هي وأخوتها.
بعشوائية تناثر فتات زجاج الصحن الزجاجي عقب ارتطامه القوي بالارض فأصاب أم سالم ذهول من فرط دهشتها.. ليس لتهشيم الصحن.. بل لأن فتات زجاجه تناثر مثل حبات الفيشار التي تطير من داخل طنجرة ساخنة.. المنطقي جدا أن تتأذى ويرشق بها بعضه.. لكنها نجت! رغم وقوفها علي مقربة كبيرة نجت.. لم ترشق بها ذرة زجاح واحدة..
ماما.. حصلك حاجة مين وقع الطبق ده
اجابت ابنتها صباح التي هرولت بلهفة تطمئن فور سماع صخب السقوط معرفش ازاي وقع.. بس الغريب ان مافيش حاجة جت فيا.
ضمتها ابنتها بقوة الحمد لله يا امي.. تعالي ارتاحي وانا هكمل شغل المطبخ مكانك.
..
_ حاسة بحاجة يا ماما ساكتة ليه من وقت ما سبتي المطبخ طمنيني.
غمغمت بمسحة شرود بتأمل في اللي حصل انهاردة يا صباح.. ثم نظرت لابنتها وقالت تعرفي ايه اللي نجاني انهاردة
_ ايه
أوضحت فاكرة لما زعلتي من جارتنا اللي كل يوم تبعت تستلف مننا حاجة وانا قلت ليكي مش هرد ايد تدق بابي أدي الجزاء يابنتي..ربنا سلمني من أذى كان قريب جدا مني.. أنا لو كنت دورت وشي بس ناحية الإزاز كان رشق في عيني واتعميت..بس ربنا حماني..الصدقة منعت عني البلاء..دي رسالة ليكي.. اتمنى تكوني فهمتيها..الصدقة خير لينا