الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية حصاد المر بقلم ډفنا عمر الفصل الخامس عشر

انت في الصفحة 1 من 3 صفحات

موقع أيام نيوز

رواية حصاد المر بقلم ډفنا عمر 
الفصل الخامس عشر
_________
صوت صفير الرياح الباردة تلفح وجهها وتصم أذنيها.. عيناها معصوبة.. وكأنها تائهة وسط صحراء..!
لم يطمئنها سوى صدى صوت تعرفه جيدا..!
_ أمي! أخيرا جيتي! وحشتيني.. ليه سيبتيني! 
عارفة إنك زعلانة مني.. لأني بقيت زيها.. شيطانة! 
بس هي اللي عذبتني.. خليتني انتقم منها في ناس تانية.. علمتني القسۏة وسړقت مني طيبتي! 

وبقيت لوحدي.. خالد سابني.. وولادي هينسوني!
أمسكي أيدي يا ماما ..خديني.. ماتمشيش تاني وتسيبيني! محدش بيحبني غيرك!
الصورة تهتز بعقلها مع اختراق صوت رنين يأتي من بعيد..فانتفضت فجأة ووجدت نفسها قد سقطت بغفوة وهي جالسة تنتظر شاهندة! 
الآن أدركت أنها كانت تحلم ذاك الحلم العجيب بوالدتها..!
تكرر الطرق على الباب بشكل متواصل..ليفيق ذهنها بالكامل.. وذهبت تتفقد الطارق..! فأصابتها الدهشة من قدوم زائرة لم تتوقع أن تأتيها بتلك الظروف!!
_ معقولة! أنتي جاية لحد عندي بنفسك!
تسائلت عايدة مذهولة.. بينما فريال تتأملها بشفقة! 
لقد تبدلت وأصبحت هزيلة وأختفت الډماء من وجهها فصار شديد الشحوب بعين غائرة محاطة بسواد!! 
أما الأخرى فمازالت لا تصدق أن أم زوجها خالد هي من أمامها فركت عيناها ربما تتخيل من أثر النوم فلم يعد مجال للشك.. الأم فريال هي من تقف على عتبة بيتها..!
قطع حديث نظراتهما فريال أيه يا عايدة مش هتقوليلي اتفضلي ولا أيه!
أفسحت لها المجال مرددة أتفضلي! 
ولجت للداخل. فوجدت مكان شديد التواضع! جلست بركن ما على إحدى المقاعد البسيطة أما عايدة فمازالت لا تستوعب وجودها والصمت يتملكها.. فبادرت فريال الحديث
أنا جيت اتكلم معاكي عشان نحل الوضع ده! 
أنقبض قلبها تخوفا من تأتيها بخبر طلاقها من خالد فعزائها الوحيد أنها مازالت تحمل أسمه وتتمني أن تظل مقترنة به حتى أخر انفاسها..!
فريال عجبك حياتك كده ليه ياعايدة اتصرفتي بالقسۏة دي أنتي كنتي هتقتلي ابني او اخويا
طب أنا وعندك سبب تحقدي عليا.. إنما أمي عملتلك أيه عشان تعامليها كده
وصممت تنظر لها مترقبة دفاع يبرر أفعالها
فوجدتها شاردة بنظرات غائمة هاتفة بصوت يحمل من الحقد والكره الكثير!
_ كنت بنتقم من شكرية! كنت بتخيلها مكانها بنفس ضعفها.. مش قادرة تتحرك ..ولا تتكلم.. كان نفسي اشوفها عاجزة قدامي..كل اللي اتمنيت اعمله فيها عملته في أمك!
وواصلت بنبرة أزدادت قساوة 
وفي كل مرة بعتيني بدالك.. حقدت عليكي أكتر! لأن الوقت اللي أنا بتمني فيه أمي تكون عايشة واتنعم في حنانها ورضاها وأبقى تحت رجليها.. انتي كنتي بتهربي من مسؤليتك ناحية أمك وتبعتينا مكانك! ماتعمليش قصادي ملاك ..أنتي كمان نفس القسۏة والجحود!
أطرقت فريال برأسها وبدأت دموعها تتجمع بمقلتيها مھددة بالسقوط نعم هي لم تختلف كثيرا عن جحود زوجة أبنها.. ربما عايدة لديها مبرر نفسي تحكم بها وجعلها تتصرف هكذا
أما هي ما مبررها لتهمل من فنت العمر عليها..!
مسحت العبرات وتماسكت وعادت نبرتها القوية لتتم ما جائت لأجله 
_ واديكي انتقمتي.. بس من حد مالوش ذنب.. وخسړتي جوزك وبيتك وولادك!
وأخيرا تفتت قشرة القسۏة والجمود والبرود الذي تسلحت بهم عايدة وأنهارت پبكاء مرير بعد.. وظهرت أمامها شديدة الهشاشة والضعف.. مجرد أم حرمت من أطفالها.. وزوجة لفظها زوجها.. عايدة. تحتاج يدا حنونة تربت عليها وتساعدها على تصليح أخطائها ومعالجة ندوب روحها الخفية.. وهي لن تبخل عليها.. ستؤازرها حتى تظهر تلك النقطة البيضاء داخلها وتزيل كل أثر لسواد ماضيها الأليم!
نهضت من مكانها واقتربت منها.. ثم جذبتها عنوة لأحضانها وراحت تربت على ظهرها وتهدهدها بحنان
_ كل حاجة هتتصلح يابنتي..أنا مش هسيبك هرجعك تاني لبيتك وولادك.. هتاخدي فرصة تكفري عن ذنوبك وترجعي جوزك ليكي.. محدش معصوم من الغلط ..أنا وانتي ورجاء كلنا غلطنا.. بس المهم نندم ونصلح اللي كسرناه قد ما نقدر.. أوعدك ياعايدة إني هساعدك بكل قوتي وهكون في صفك لحد ما خالد يرضى عنك تاني!
أهكذا يكون مذاق عناقها! 
گ عناق أم فقدتها بطفولتها البعيدة! 
لما لم تنعم عليها بهذا الإحساس من قبل! لما لم تعطيها تلك الجرعة من الحنان.. ربما كان طغى حنانها على قساوة ماضيها وأطفأت ڼار حقدها..! 
طوقتها عايدة بذراعيها وتشبثت بها بقوة وكأنها طوق نجاة وهي تردد ونكهة العبرات تغلف صوتها
عمري ما احتاجت الحضن ده زي دلوقت.. ياريتك عاملتيني كده من زمان.. واخدتيني في حضنك ودوقتيني الأحساس ده!
فضمتها فريال أكثر أوعدك إنك هتكوني زي بنتي..وزي

انت في الصفحة 1 من 3 صفحات