رواية بصائر تغشاها الثرى بقلم ډفنا عمر الفصل الثالث "حصري"لموقع أيام.

ليلتنا الحلوة دي
_ فاضل ايه يا ترى
_ أغني.
شهقت وهي تسارع بوضع يديها فوق فمه لكنه ازاحها وراح يشدوا بصوته النشاز لتزداد قهقهتها فيضمها مع بقايا ابتسامة تلاشت وهو يتذكر رفيقتها وشعور غير مريح على الإطلاق ينموا نحوها.. يراها وكأنها حية تقترب لعشه تريد لدغ صغاره.. وهذا ما لن يسمح لها به لو صدق ظنه.. فربما يكون شعوره حيالها مجرد هواجس ليس لها أساس.
فجوة الملل لا تزال تبتلع غزل دون أن يطرأ جديد على أصيل لتأخذ قرارا حسمت أمرها بشأنه وسوف تتحدث معه حين يأتي من عمله.
_أصيل أنا عايزة اشتغل.
رفع عينه عن كتاب كان يتصفحه وطواه بتنهيدة من يستعد لمعركة جديدة مع زوجته المتمردة
غزل الموضوع ده اتكلمنا كتير فيه وعارفة رأيي.
صاحت بعناد والله رأيك ده لازم يتغير أنا خلاص زهقت ومليت من قعدة البيت والحبسة بين أربع حيطان أنا مش بعمل حاجة في حياتي غير الطبيخ وتربية البنات لما خلاص زهقت من الروتين ده لازم اشتغل واشوف الدنيا يا أصيل.
_يا حبيبتي البنات والبيت أولى بوقتك اهتمى بيهم وانتى مش هتلاقي وقت فراغ.
_بقولك ايه عارفة كلامك وحفظته انا معايا شهادة واقدر اشتغل واخد بالي من بيتي وبناتي كويس.
قال بغرض تشتيتها طب بعدين نتكلم.
_لأ هنحسم الأمر ده حالا بصراحة بقا جارتي جابتلي شغل في الشركة اللي بتشتغل فيها وانا شايفاه مناسب و ..
هنا رمقها بحدة وبدأت أعصابه تنفلت هاتفا نعم سعادتك قررتى ورتبتي امورك وكمان لقيتي شغل وجاية تبلغيني في الأخر تحصيل حاصل
اجفلها صياحه الغاضب عكس طبيعته الهادئة وهذا ليس في صالحها لقد نصحتها الجارة أن تعامله بدهاء لتنال موافقته فلان صوتها قليلا واقتربت إليه بدلال. 
_ وحياتك أبدا يا أصيل ده بالصدفة كنا بنتكلم فقالتلي المدير عندها عامل إعلان عايز موظفين خريجين تجارة يشتغلوا في قسم المحاسبة قلت فيها أيه لو اتوظف واغير أسلوب حياتي شوية.
_طب وبيتك وبناتك هتراعيهم ازاي
قالت بحماس انا هعرف ادبر نفسي متخافش والمواعيد ممتازة من تمانية الصبح لحد تلاتة العصر يعني هرجع قبلك وهتيجى تلاقيني مجهزة كل حاجة أما البنات هعديهم على عمتو الصبح..انا كلمتها وقالتلي لو انت وافقت على شغلي هي مستعدة تخليهم معاها لحد ما ارجع هجيبهم معايا البيت..انت عارف عمتو روحها فيهم وهتراعيهم كويس أوي. 
_وعليكي من كل ده بأيه بس يا بنت الناس خليكي متصانة في بيتك مع بناتك أنا عايز اريحك.
هتفت برجاء مس قلبه يا أصيل لو عايز تريحنى خليني اشتغل واحس انى ليا لازمة انا حاسة بملل هيقتلني انا كل اللي انجزته في حياتي اني اتجوزت وبقيت أم يمكن لو اشتغلت عصبيتى معاك تقل شوية وتكون حياتنا أهدى عشان خاطري وافق لو بتحبنى وعايز تسعدني.
نظر لها مليا يفكر في أمرها.. لا يروقه قط ان تعمل زوجته ولكن ضجرها الدائم صار حقا يقلقه.. ربما لو وافقها لتحسنت معه وصارت اكثر هدوء..طال صمته الذي احترمته بصبر منتظرة قراره الاخير ليرفع وجهه أخيرا ويخبرها بتحفظ. 
_ موافق يا غزل بس بشروط. 
هتفت بلهفة موافقة من قبل ما تقولها.
_لأ اسمعيها عشان لو خالفتيها متزعليش من رد فعلي بعدها أولا تحافظي على صلاتك وكمان حجابك ولبسك المحتشم مش هسمح تلبسي حاجات مش مناسبة بحجة انك تقلدي حد كن زمايلك وثانيا ممنوع الإختلاط بزمايل رجالة اخرك المدير بتاعك وثالثا لو لقيت أي تقصير من ناحيتي انا أو البيت أو البنات هتسيبي شغلك فورا بدون نقاش مفهوم
صاحت بسعادة لا تصدق موافقته. 
_ مفهوم طبعا هحضر ورقي بقا عشان أقدمه للشركة. 
وهممت بمغادرتها لإبلاغ جارتها قبل أن تعود وتقف تنظر نحوه فقال بثقة من يفهمها جيدا. 
واضح إن المدام لسه ليها طلبات تانية.
قالت بدلال وهي تشير بعقلة من إصبعها. 
_ طلب صغنون أد كده.
ابتسم لها بحنان خير
_نفسي انزل الشغل بتليفون جديد مساحته أكبر شوية عشان اللي معايا بقا قديم وماشية به بالعافية انت اصلا وعدتنى في عيد جوازنا هتجيبلي واحد اعتبره جه عشان خاطري يا أصيل.
صمت برهة يفكر ثم قال مع إن الميزانية بعافية دلوقت بس هحاول ادبرلك تليفون بحدود إمكانياتى لكن مش قبل أول الشهر موافقة
همست لنفسها بصوت خاڤت وهو يراقب همسها بتسلية يعنى لسه بعد أسبوعين 
ثم على صوتها برضا ماشي موافقة انا اصلا معرفش ورقي هيتقبل واتوظف امتى بالظبط المهم عندي انك وافقت وهتشتري تليفون جديد.
هم بقول شيء ما ليقاطعه صوت الصغيرات كالعادة فتوجهت نحوهما لينظر أصيل بأثرها ومخاۏف مبهمة تنتابه هامسا بضميره اتمنى محسش بالندم اني وافقتك يا غزل وحياتنا فعلا تكون افضل الأيام الجاية.
توقف ريان بسيارته أمام واجهة مقر عمله في شركة المستلزمات الرياضية الشهيرة..صعد مكتبه ليصله بعد دقائق طرقا على باب مكتبه.. دعى الطارق للدخول. 
_ ادخل. 
_يا صباح الترقيات يا مدير التسويق الهمام.
بابتسامة ودود استقبل ريان زميله في العمل وصديقه أصيل متجاوبا مع تحيته المقترنة بتهنئة صباح الفل يا أصيل باشا. 
جلس قبالته مؤكدا تهنئته مبروك يا ريان بجد انت تستاهل الترقية دي من زمان لأنك مجتهد في شغلك وخطة التسويق اللي عملتها السنادي عملت طفرة في مستوى الشركة. 
قال بتواضع لا يدعيه ده شغلي يا أصيل وحق الشركة اللي باكل منها عيش إني اخلص ليها واسخر أفكاري لخدمتها. 
_ مش كل الناس زيك يا صاحبي. 
_ ولا زيك يا أصيل انت كمان متميز في قسم المبيعات ومش مقصر في شغلك. 
_ لازم نحلل القرش اللي بناخده يا ريان. 
_ أكيد. 
واسترسل ريان بحماس 
بقولك ايه بمناسبة الترقية بتاعتي تعالى نسهر سوا هعزمك على العشا. 
رفض بتهذيب ما انت عارف يا ريان ماليش في سهر برة افضل اقضي وقتي في بيتي مع مراتي وبناتي.
ثم قال بمكر وبعدين يا باشا هتحتفل معايا وتسيب المدام ده حتى عيب في حقك. 
ضحك ريان المدام يا سيدي هتبات عند والدها انهاردة هي و بنتي فقلت بكرة احتفل انا وهي يعني صاحبك الليلة دي فري. 
أومأ مازحا أه فهمت.. أنا سد خانة مش أكتر. 
_ تعجبني نباهتك..ها قلت أيه اسهر معايا هروق عليك والله بدال ما انت كاتم على نفس الجماعة في البيت ومبتخرجش ولا بتخرجهم.. من البيت للشغل ومن الشغل للبيت. 
رغم مزاح صديقه انقلب وجه أصيل ببعض الضيق الشارد لينتبه ريان لتعبير وجه متسائل 
أيه يا ابني مال وشك قلب كده ليه انا بهزر معاك. 
اومأ له بعين غائمة عارف. 
_ طب ايه شكلك مضايق في حاجة حصلت معاك الجماعة وبناتك بخير
نظر له برهة قبل ان يجيبه. 
_بخير بس 
_ بس ايه قلقتني يا ابني. 
فاض أصيل بما يؤرقه. 
_ مراتي مصممة تشتغل فضلت تزن عليا لحد ما وافقتها وحاسس اني اتسرعت. 
_ اتسرعت ليه وايه المشكلة يا أصيل
_ انت عارف يا ريان أني مكنتش حابب فكرة الشغل انا بخاف عليها وشايف اني مكفي بيتي وزيادة أيه لازمة الشغل والمرمطة
_ مع احترامي ليك يا أصيل بس انت غلطان الشغل مش مرمطة الشغل هدف وكسر روتين للحياة وقيمة للشخص وطاقة تتوجه صح.. واضح ان مراتك عندها طاقة زيادة عايزة تفرغها ايه المانع انك تسمحلها بكده مادام