رواية جسار وشمس بقلم ډفنا عمر الجزء الرابع
انت في الصفحة 8 من 8 صفحات
مضت سريعا أيام شهر العسل وعاد جسار وزوجته ليستقبله رائف بالترحيب بينما أتى شقيقي شمس، "حمزة وريان" مرحبين وقالوأولهم يقول: وحشتيني يا مشمش..
_ وانت أكتر يا حمزة.. ثم صاحت لشقيقها الأخر:
_ رينو حبيبي..
صاح بمرحه المحبب: قلبي والله مصر نورت بيكي..
_ أحم.. أنا جوزها علي فكرة.
ضحكوا مرحبين به وحمزة يقول: أنت مش بس جوزها يا جسار، أنت بقيت أخونا كمان.. حمد الله علي السلامة يا أستاذنا.
وعانقه ثم نظر للأخر : ازيك يا رائف عامل ايه؟
_ الحمد لله يا حمزة، وقريب ياجماعة هتحضروا فرحي علي فكرة.
لثم كتفه بمرح يشوبه التقدير: ما انت جيت ياكبير وكله هيظبط علي أيدك.
ريان: مستعجل علي الهم ليه ياعم.
شمس مستغلة الفرصة: مش احسن من اللي مش راضي يريحنا ويتجوز ومشف ريق ماما وبابا معاه.
لوح لها: أوبا.. أديك جبتلنا الكلام يا رائف.
ضحك الأخير: والله كنت زيك يا ريان لحد ما وقعت في النصيب، والنصيب غلاب يا صاحبي.
حمزة: طب يلا نمشي ونكمل كلامنا في الطريق..تعالي معانا يا رائف.
استأذن بتهذيب: لا معلش مش هقدر يا حمزة، اشبعوا انتوا من العرسان براحتكم، ونتقابل مرة تانية، انا جيت بس استقبل أخويا و اشوفه، لأنه كان واحشني جدا..
_ أمال يا متر، حد هيقرفك في عشتك غير أخوك اللاسع علي رأي بابا.
قهقوا لمزحته و غادرهم سريعا، ليتوجه جسار لسيارة حمزة المرصوفة جانبًا متخذا جلسته خلف المقود مع تمتمته: بقول ايه يا جسار، ماما كانت منتظراكم، انت عارف هتتجنن علي بنتها شمس، بس أنا قولتلها هشوف ظروف جوزها الأول.. هيوافق نرجع علي بيتنا ولا اوصلكم علي بيتكم؟
نظر لزوجته التي ابتسمت بمكر تستحسه ليوافق، ليغمغم برضوخ: هي دي فيها كلام يا عم حمزة؟! خدنا عند الست الوالدة بدال اختك ما تنكد عليا في البيت وتستفرد بيا..
حمزة: فعلا بصراحة لعيب وتسديدة موفقة يا جوز اختي
جسار: منا لازم امشي المركب ياجماعة.. أنا راجع من شهر عسل لسه مأثر عليا، انما بعد كده هتلاقوني مرعب والشخطة مني تنيمها من المغرب.
قهقهت شمس ثم تهكمت مازحة: ومالو ياسبع الرجال، نبقي نشوف موضوع الشخطة بتاعة المغرب دي، و النوم بدري مش غلط يا زوجي العزيز.
_____________
احتجزتها والدتها بين ذراعيها بعواطف جارفة گ حال كل أم، لا تصدق انها عادت فراحت تقول: وحشتيني يانور عيني.. انبسطي مع جوزك؟ وهو كويس معاكي؟ زعلك؟ حنين عليكي؟ أوعي يكون زعلك، أو...
قاطعتها شمس وهي تضحك: اهدي يا ست ماما، اديني فرصة اجاوبك..
وابتسمت لها وهي تغمغم: اطمني خالص.. جسار كويس جدا معايا ومزعلنيش ابدا، بالعكس والله كان طاير بيا يا ماما وكل يوم بيقولي بحبك أكتر من اليوم اللي قبله.
ثم شردت غارقه ببوح مشاعرها وهواجسها الغريب: ماما، هو ممكن واحدة تحب جوزها بالشكل الكبير ده رغم ان تاريخ علاقتنا مش طويل؟ أنا بقيت احب جسار لدرجة الخۏف اني اتحرم منه لأي سبب، متعلقة بيه زي الطفلة ما بتتعلق بأبوها..بحبو دعيما معايا ومايغبش عني، كل ده عادي يا ماما؟
دمعت عين والدتها من فرحة ما تسرده شمس عن زوجها.. الآن اطمئنت عليها وتضاعفت غلاوة جسار في قلبها، وتمتمت توضح لها: الراجل اما بيكون حنين اوي كده، الست بتعتبره فعلا ابوها واخوها مش بس جوزها، يعني شعورك طبيعي جدا يا حبيبتي اطمني، ربنا يسعدكم ويفرحني بولادكم، أهو مرات حمزة أخوكي طلعت حامل عقبالك زيها.
_ ربنا يقومها بالسلامة، تعرفي يا ماما جسار هيتجنن ومنتظر حملي من دلوقت.
_ ربنا يرزقكم يامشمش وتفرحي جوزك بيكي، عقبال ريان ما يتجوز بنت حلال هو كمان..
_ والله لسه قايلاله كلمتين في الطريق، ربنا يهديه.
_ يارب، تعالي بقي اطلعي لجوزك عشان برضو ممكن يتحرج، وانا هخليهم يجهزوا السفرة زمانكم واقعين من الجوع.
_ أنا جيت.
قالتها سارة بمرح ليمزح معها ريان: استر يارب.
_ ياسلام شوفت عفريت حضرتك؟
حمزة بعتاب: ماتزعلش قطتنا يا ريان..
سارة بمدح محبب: تعيش ياحمزة يا ذوق انت..
ثم قالت وعيناها تلمع بحنان وهي تنظر نحوه: حمد لله على السلامة ياجسار انت وشمس، أمال هي فين؟
_ الله يسلمك يا سارة عقبالك.. هتلاقيها مع طنط.
_ لا يا جسارة يا حبيبي، قولي يا ماما بلاش طنط دي، أنت بقيت في غلاوة ولادي حمزة وريان وأكتر.
قالتها "جمانة" والدة شمس بنبرة حانية سكبت عليها سيل من أمومتها وهي تُقبل جبينه لتستطرد: ولا انا مش زي مامتك وهتعتبرني حماتك؟
رجفت أهدابه تفاعلا مع قولها الذي مس وترا داخل قلبه، كأن السيدة تعلم بما ينقصه حتي ظن أن زوجته قصت لها شيء عن ماضيه المجهول، نظر لها تلقائيا لتنفي هي بحركة طفيفة بعينيها صحة خاطره الذي أدركته، فقال: يشرفني طبعا اقول لحضرتك كده..
_ يبقي خلاص من هنا ورايح أنا مامتك ياجسار.. ربنا عالم ازاي بعزك وزادت غلاوتك من شكر بنتي فيك.. ربنا يرزقكم الذرية الصالحة.
جسار بمزاح: أيوة ركزي دعواتك هنا أوي..
ضحكت قائلة: بإذن الله هنفرح قريب..حمزة مراته حامل اهي، يعني فال حلو..
سارة: طب وسعولي بقي اسلم علي العروسة اللي راجعة مزة علي الأخر.. ثم جذبتها وهي تهتف للجميع: سوري ياشباب هاخد بنت عمي منكم شوية.
ريان: طبعا هو انتو تتجمعوا إلا اما النم يشتغل.. بس خفي علي اختي دي راجعة من سفر تعبانة.
_ ياساتر علي غلاستك..
حمزة: روحوا انتوا يابنات سيبكم منه ده بيستفزكم وخلاص.. ثم دفع رأس أخيه موبخا: أعقل بقي شوية.
_ مايبقاش ريان أخوك لو عقل.
قالها رضوان الذي أتاهم لتوه لتندفع نحوه شمس معانقة بشوق: بابا وحشتني أوي أوي.
ربت عليها برفق: وانتي كمان يا روح ابوكي..البيت مضلم من وقت ما مشيتي والله ..
ريان: ايه ياحج رضوان.. وانا مش مكفيكم ولا ايه؟
سارة: أكيد مخنوقين منك.
_ مالكيش دعوة انتي.
حمزة: وبعدين في نقاركم ده، احترموا ماما وبابا وجسار..
ابتسم الأخير ولأول مرة يختبر حلاوة تلك المواقف العائلية المرحة الدافئة..كم تمني أن يحيا في جو مماثل.. أشقاء..أب وأم يضمانه بهذا الحنان كما يفعلان مع شمس.
_ أزيك ياجسار نورت الدنيا كلها..
_ بنورك ياعمي والله.
جمانة: طب هروح بقي اخليهم يجهزوا السفرة.
سارة: وانا هاخد شموسة دقايق.
ريان: ماتصدعيش أختي.
الټفت ترمقه بامتعاض وهي تبتعد تحت ضحكات شمس وحمزة وجسار.
__________
_ يلا يا مشمش احكيلي بالتفصيل الممل كل حاجة حصلت معاكي من بعد الفرح لدلوقت..
_ أتجوزت.
باقتضاب قالتها بخبث لتهتف سارة بحنق: يا سلام؟ لا بجد نورتيني..هي دي إجابة برضو؟
_ أمال اقولك ايه.. أنا اختصرت وقلت الخلاصة.
_ لا أنا عايزة التفاصيل
_ لأ.. عيب ياسيرو دي أسرار زوجية..
_ كده برضو يا شمس بتخبي عليا..ده طول عمرنا سرنا مع بعض..
ضحكت مع قولها: مش مسألة أخبي والله بس دلوقت غير زمان يا سارة.. أنا بقيت زوجة ومسؤلة عن زوج وأقل حقوقه عليا ان اسرارنا ماتطلعش برة ابدا.. وكفاية اقولك ان ربنا كرمني براجل بجد، واني أسعد واحدة في الدنيا وحبي لجسار زاد أضعاف بعد ما عاشرته وعرفت طباعه عن قرب..
ثم غامت عيناها:تعرفي يا سارة، ساعات بحس ان جسار ابني مش جوزي..مين فينا فرض الإحساس ده على التاني مش عارفة، لكن اللي فهمته كويس انه من جواه طفل اتحرم من حاجات كتير في حياته، بيحاول يعوضها معايا، وده مخلي علاقتنا متلاحمة بشكل قوي رغم مدة تعارفنا القصيرة.
_ ياااااه يا بنت عمي.. واضح ان شهر العسل قربكم اوي من بعض يا شمس، ثم ربتت علي كفها: عموما أنا عرفت المهم واتأكدت انك مبسوطة، ربنا يسعدكم حبيبتي.
_ يعني مش زعلانة عشان قولتلك لازم احافظ علي اسرارنا..
_ لا طبعا وكلامك مظبوط..
"يابنات الأكل جاهز تعالوا"
_ حاضر يا ماما جايين..
ونهضت وهي تقول: يلا يا سيرو وبعدين نكمل كلامنا..
_ ماشي ياقلبي..
_________
انقضت أمسيتهم القصيرة في بيت والدي شمس، ثم غادرت الأخيرة مع زوجها لمنزل الزوجية.
_خليكي هنا ثواني هدخل الشنط بس..
تعجبت طلبه ومكثت قرب باب شقتها تنتظره، فعاد لتري قامته تنحني ليحملها كأنه يحمل عصفورة صغيرة هامسا: دي أول مرة ندخل شقتنا بعد الجواز.. ولازم تدخلي وانتي على دراعي..
رعدة أصابت خافقها وذراعاه تمتد لتحوط عنقه في تيه ووله أفقدها كل شيء عدا الشعور بقربه.. ولج بها للمرة الأولى وهي عروسه..لتهبط قدماها فوق أرض غرفتهما مع وهمسته: وحشتيني..
تغمض عيناها وصوته ينفذ إليها ويتغلل بروحها..كلماته تخبرها عن مقدار شوقه لها، لتسقط بلحظات أسيرة هذا الشوق راضية كل الرضا بهذا الأسر..
______
" ايه أخبار المكتب يا أشرف؟"
هتف بها جسار وهو يأخذ موقعه خلف مكتبه ليجيب الأخير: أطمن الدنيا ماشية وكسبنا كذا قضية وفي زباين منتظرينك، بيقولوا عايزينك تتولي قضاياهم بنفسك..
_ تمام، خلي السكرتيرة تحدد لهم مواعيد بكره، وآدم اخباره ايه معاك؟
_ الحقيقة بيشتغل بمنتهي الجدية والتفاني..
_ده من حظي يا أشرف انكم بتساعدوني.. لولاكم كان المكتب اتقفل من زمان..خصوصا مع شغلي في شركة أمين بيه..
_ احنا معاك وفي ضهرك دايما، وانت مش مقصر وبتدينا تعبنا وزيادة.
_ ده حقكم يا أشرف..
واستطرد باهتمام: خلينا بقي في الأهم يا صاحبى..عايزك تاخدلي معاد من والدك في أقرب وقت زي ما اتفقنا قبل كده، عشان هناخد البنت الحلوة اللي عندكم لأخويا رائف.. قلت ايه؟
ابتسم أشرف: ده انتوا تنوروا يامتر ونسبكم يشرفنا أكيد، خلاص هاخد معاد من بابا وهبلغك يا صاحبي..
_ بس بسرعة أحسن رائف مش صابر.. أختك جننته.
قهقه صاحبه: لا معلش ابنكم مچنون من الأول..
فبادله جسار ضحكته: في دي عندك حق بس تعرف يا أشرف، مبسوط اوي ان رائف فكر في أريج وعلاقتنا هتكون أقوي..والله كأنه هياخد أختي.
غزاه شعور قوي بالامتنان لأن رفيقه لم يغيره شيء، مازالت أواصر صداقتهم بنفس متانتها بل تزداد يوما عن يوم قوة..
_ والله نفس شعوري لما عرفت ان اخوك عايز اختي..
انه هيقربنا سوا، ربنا يديم صداقتنا العمر كله..
_ اللهم امين يا صديقى..
وواصل مستعيدا مزاحه: امتى بقى هتعزموني انا ومراتي عندكم؟ شمس نفسها تشوف والدتك جدا..دي حاجة بعيدة عن موضوع زيارة الخطوبة
_ يا سلام.. ده انت تأمر..شوف لو يوم أجازتكم الجاية فاضين هنحضر المحاشي من دلوقت..
_ لا محاشي يبقي جاي بس اتوصوا بورق العنب عشان شمس بتحبو..
_ عيوننا ليكم يا متر.
________
راقبها وهي منهمكة بطهو الطعام، وشعرها معقوص لأعلى گ "ذيل الحصان" وبيجامتها الزرقاء تعطيها مظهر طفولي محبب، فابتسم مقتربا لها:
حبيبتي تعبت من الصبح وانشغلت عني خالص.
الټفت له مبتسمة وهي تقبل جديه هاتفة: حقك عليا يا حبيبي والله، أنت عارف دي أول مرة أعزم أهلي في بيتنا، وأول مرة يدوقوا أكل من ايدي ولازم أبهرهم.
غمغم بحنان: واثق انهم هينبهروا من أكل مراتي حبيبتي، طب مش عايزة مساعدة في حاجة؟
_ لا يا عمري لو احتاجت هقولك، وماما زمانها جاية وهتساعدني.
تنهد برضوخ: براحتك يا مشمش، ثم مال ولثمها سريعا وتمتم: تصبيرة بقا.
ضحكت وهي تبتعد بدلال: بطل دلع بقا وروح أجهز أنت عشان تستقبلهم.
_ كلامك أوامر يا أستاذتنا.
.......
"يلا ياجماعة الأكل جاهز"
تهتف شمس لأسرتها وهي ترص أطباقها علي منضدة الطعام ووالدتها خلفها تجلب المعالق.
جسار: الله الأكل شكله يشهي تسلم ايديكم
جمانة: مراتك اللي عملت كل ده.
حمزة: مشمش بقيت تطبخ..دي معجزة.
رضوان: مفيش حاجة بعيدة عن ربنا.
جمانة: قولي يا جسار، كنت بتحب تاكل ايه من ايد مامتك ونفسك شمس تعملوا ليك عشان اعلمها؟
تلجم جسار وهو يرمق والدة زوجته بصمت شارد، لا يذكر أي شيء فعلته له إلهام ليحبه..لا ذكرايات بينهما سوى الجفاء.. طال صمته فأجابت عنه شمس: مامته وباباه كانو متغربين دايما وهي مش بتحب تطبخ..
غمغمت جمانة بتفهم: أيوة فهمت.
نظرة امتنان نالتها منه لتكمل: وده في صالحي لأنه هيحب أكل مراته حبيبته وبس..
رمقها جسار بحب، لاحظته والدتها هاتفة بحنان:
ربنا يسعدكم يا حبيبتي..ثم صاحت تنادي:
يلا يا ريان الأكل جاهز.
صاح الأخير وهو يقدم عليهم: طب مين اللي طابخ؟
_ مراتي..
بفخر قالها جسار ليمزح الأول: يبقي مش هاكل..إلا لو فيه عندكم مطهرات للمعدة..
ضړبة علي رأسه نالها من والدته وهي تعاتبه: طب استر اختك قدام جوزها وبلاش فضايح.
_ سيبيه يا ماما سيبيه، مايبقاش ريان أخويا..شايف يا بابا اخويا مش واثق في أكلي ازاي..
قال معاتبا: بطل رخامة علي أختك يا ريان..
جسار: طب يلا ياجماعة ابدؤا ونحكم بعدها، بس خدوا بالكم أحسن تاكلوا صوابعكم من حلاوة الأكل..
ضحكت شمس لزوجها قائلة: يسلملي دعمك ياغالي.
ريان: طب نجيب اتنين ليمون وشجرة ونقوم نمشي؟
عادت والدته تضربه من جديد مع قولها: وبعدين معاك وبعدين..
جسار: بكره اشوفك مع مراتك يا استاذ ريان يالي عمال تتريق علينا..
_ لا هتلاقيني أسد في نفسي..
جمانة: اتجوز الأول وبعدين نشوف موضوع الأسد ده
_ تفائلي يا ماما تفائلي.
"لاك" ريان شيء من الطعام وبدا عليه استحسان وهو يقول: ايه ده يا مشمش؟
ردت بقلق: ايه؟ الأكل وحش يا ريان؟ طمني.
_ مش عارف اقولك ايه بس ده طلع حلو.
للمرة الثالثة تضربه والدته: خضيت اختك يا شيخ
جسار: أخيرا اعترفت بشطارة مراتي.
_ أضطريت ياجوز اختي، الأكل فعلا يجنن..
ابتسمت شمس بظفر وقالت: دي شهادة من المچنون اخويا اعتز بيها.. ضحكوا لقولها واستأنفوا الطعام بمدح الجميع في الوليمة التي صنعتها لهم شمس للمرة الأولى.
___________
غادر عائلة شمس ووقفت هي ترص الصحون النظيفة في خزانة المطبخ بعد رفضها أن تساعدها والدتها، سعيدة هي بتلك الحياة البسيطة التي تختبرها للمرة الأولي، وهي تتشارك كل شيء مع جسار الذي يتعاون معها الآن بتمشيط السجاد من بقايا الطعام والأتربة بالمكنسة حيث كانوا يجلسون، ليُفزع بغتة علي صوت ضجيج سقوط بعض الصحون، هرول إليها فوجدها ملقاه أرضا بحالة إغماء..حملها وأرقدها فوق فراشها پخوف ثم استنجد بطبيب يعرفه سابقا عن طريق الجد نادر، وبعد وقت قصير أتى ليتفقد حالة زوجته ويطمئنه عليها..
الهلع يأكل روحه منتظر بفارغ الصبر خروح الطبيب وطمأنته على زوجته، ليستجيب الأخير لخاطره وهو يخرج معدلا وضع عويناته قائلا: مبروك يا سيد جسار، المدام حامل.
جحظت نظراته وتجمدت بذهول..
زوجته حامل؟ بهذه السرعة يتحقق حلمه؟
بعد أشهر سيحمل طفله بيديه ويضمه لصدره؟
لا يدري كيف أنقد الطبيب أجرته و ودعه للباب.
توجه إليها وجدها تميل برأسها على الوسادة مسدلة أهدابها، دني ليرقد جوارها ثم مال بوجهه ليدسه بثنايا عنقها وذراعه على خصرها لتشعر بدموعه الدافئة تلمس بشرتها فتضمه بقوة وهي تبكي مثله وتقول: حلمك بيتحقق ياحبيبي زي ما اتمنيت، هنعمل العيلة اللي هتعوضك، واستأنفت بعد تقبيل قمة رأسه بحنان أمومي صارت تعرف متى يحتاجه منها: كنت زمان اقول انا هجيب طفلين وبس وياريت ولد وبنت، واتريق علي سارة لما تقول هتجيب ولاد كتير.. بس دلوقت غيرت رأيي، أنا عايزة اجيب ولاد كتير أوي لحد ما انت تزهق وتقولي كفاية.. هعملك العزوة اللي اتمنيتها ياجسار..فرحان يا حبيبي؟
رفع وجهه الباكي مع همسه: فرحان دي ماتساويش احساسي دلوقت.. شكرا انك بتشاركيني حلمي وكل مادا بتسعديني أكتر.. أنا بحبك اوي.. انتي زي اسمك بالنسبالي.. شمس نورت حياتي وحولت برد روحي لدفى وهونتي عليا أوجاع العمر اللي فات..ثم غفى كلا منهما جوار الأخر، روحًا وجسد.
____________