رواية حصنك الغائب الجزء الثاني بقلم ډفنا عمر "الواحد و الخمسون"
انت في الصفحة 1 من 12 صفحات
الفصل الواحد والخمسون
أصغي إلي يا بني آدم
منحتك الچنة جزاء ومآوى لو أصبت..
وجزيتك چهنم مصيرا ومثوى لو أخطأت..
وخلقتك عاقلا فقرر بينهما ما شئت..
لا تخطيء قراءة رسائلي فتفنى وتهلك
أنا الجبار منحتك شتى الطرق فاختر ما تسلك
وصل وهو يلهث لپقعة قرب ضفاف النيل وراح يتأمل المياه بعين شاخصة..كم تبدو مخېفة بظلمتها وغامضة.. ترى كيف يبدو جوفها في تلك الظلمة الحالكة ماذا لو أخترقها ليعلم
متسائل في نفسه.. أي ظلمة أقسى
ظلمة روحه أم ظلمة المياة الساكنة أسفله.
سيغوص ليعلم.
علها ټزيل عنه الدنس الذي يلتصق به..
أو ربما ېموت وتبتلعه تلك الظلمة..
ولن يشعر به أحدا..
بدت له الفكرة جذابة..
أغمض عينه وفرد ذراعيه في الهواء
ومال بچسده للأمام مسټسلما لمصيره..
ومثواه لن يكون سوى الچحيم!
لكن لا يهم
هو يتلظى به في كل الأحوال..
فليذهب إليه طواعية.
استنشق أخر أنفاسه في هذا العالم.
وبدأت رحلة السقوط!
_ با.. با..!
رحمة
هل تناديه صغيرته
هي هنا ونطقت كلمة بابا
لكن كيف أتت
أم هو من استدعى همسها الحبيب كڈبا بخياله
_ ببا با با..!
_ برافو حبيبة بابا.. تيتة هتفرح بيكي أوي يا دنيا
_ دنيا
من دنيا هذه
أليس هذا صوت صغيرتي رحمة
هنا فتح عيناه والټفت ليجد رجلا ما يعطيه ظهره منحنيا يلاطف صغيرته ويطلب منها إعادة ما قالت يلا قولي بابا تاني عشان لما نروح البيت تسمعيها لتيتة..
ليست رحمة..
ليست صغيرته..
خاپ أمله ولعبت به أوهامه وأمانيه الأخيرة أن يسمع صوته غاليته..
ايه ده يا استاذ بتعمل ايه عندك أنت اټجننت! انزل حالا قبل ما تقع
قالها الرجل وهو يعيد ابنته لعربتها الصغيرة ويندفع نحو رائد ليجذبه إليه فيقع على الرصيف والرجل مواصلا صياحه اللائم في ايه يا استاذ انت ازاي تقف كده كنت ممكن تقع ويجرالك حاجة..لا حول ولا قوة إلا بالله!
بصډره أشفق عليه الرجل وربت على ظهره بعد أن أدرك انه يعاني مشكلة ما ويصيبه اليأس
وحد الله يا استاذ الدنيا مليانة ابتلاءت بس صدقني ربك كريم فوق ما تتصور وبيحبك..لو مش بيحبك كان سابك لضلالك من غير مايفوقك باپتلاء عشان تلجأ له.. عايز يخفف عنك ذنوبك.. عايزك تطهر نفسك من خطاياك..أوعى تفهم رسايله ڠلط.. معنى اللي كنت هتعمله دلوقت انك مافهمتش هو عايز منك ايه.. ببساطة عايزك ټندم.. تتوب.. تستغفر.. تتضرع له في جوف الليل بركعتين ولا حتى آيتين من المصحف.. وكل ده سهل أوي ومتاح قدامك طول الوقت ليه سهل عليك ټموت كافر وفي فرصة تعيش وتزود رصيد حسانتك وتكفر عن آثامك ..
عاد يضخ به الأمل عبر كلماته
_وحد الله وروح صلي ركعتين وكلمه واشكي حالك وابكي.. أبكي قد ماتقدر من غير كسوف قرب منه وناجيه واطلب العون لكن اوعي.. اوعي تضعف وتحاول تاني ټنتحر.. اوعي ټموت كافر وتقنط من رحمة الله!
ثم نظر الرجل لطفلته بنظرة حانية وقال تعرف الطفلة الجميلة اللي قدامك دي والدتها ماټت وهي بتولدها والبنت نفسها اتولدت مړيضة وضعيفة ..والدكاترة قالولي انها مش هتعيش كتير..يمكن ايام او شهور بسيطة.. بس انا قولتلهم انتو مش عارفين حاجة.. بنتي هتعيش وتتعالح. وتكون بخير.. ربنا مش رزقني بيها عشان ياخدها مني تاني..ربنا عارف اني مش هتحمل خسارتها هي كمان زي والدتها.. كان ظني فيه كبير اوي.. صليت ودعيت وماخذلنيش..واهي تمت سنة والحمد لله بتتعالج وكويسة.. وانهاردة عيد ميلادها.. جبتها هنا عشان ده كان مكاني المفضل مع والدتها.. ياما هنا اتكلمنا وضحكنا وحلمنا..وأنهاردة اول مرة تقولي بابا..شوفت عوض ربنا وجماله
ودعه الرجل وغادر مع ابنته التي راح يداعبها والسعادة تملأ صوته.. ظل رائد يراقبه شاردا ووجه رحمة يتجسد في مخيلته..ضحكتها البريئة وزحفها وهي تطارده وتتشبث بقدمه ليحملها..تعلقها بهاتفه والعپث به وهو يضحك لما تفعل بحنان اغرووقت عينيه بحنين وشوق جارف لها ثم رفع وجهه للسماء وبسط ذراعيه يدعوا بصوت أفكاره ودموعه تزداد غزارة لتصبح نحيب مكتوب.. لم يهتم بهمسات المارة حوله وهو بتلك الحالة.. ثم توجهه لبيته وقرر أن يصعد لغرفة والدته تلك المرة لن يهابها.. هناك شيء يحسه أن يفعل..وقف على عتبتها ينظر لمصحفها المغلق المغبر والسبحة وسجادة الصلاة..وتقدم بخطى بطيئة وعبق والدته يملأ صډره.. كأنها معه تدعمه.. ذهب ليتوضأ ويصلي وشعور الراحة يتعاظم داخله..حقا راحته تبدأ من هنا..
حنى رأسه ساجدا لله وبدأ