رواية بقى منها حطام أنثى لمنال سالم
طمنيني عليكي حد عملك حاجة اخويكي مد ايده عليكي
استشعر إختناقة صدرها فهتف بتوسل شديد
إيثار أنا حاسس بيكي .. إيثار ردي عليا أنا ... أنا لو ماسمعتش صوتك مش هامشي من هنا !
خشيت هي أن يصر على بقائه وتتعقد الأمور أكثر فأجابته بصوت منتحب
أنا .. أنا كويسة
استعطفها قائلا بإصرار
طب خليني أشوفك لو لثانية بس
امشي يا مالك من فضلك امشي قبل ما حد يجي ويشوفك
سألها بتلهف وهو يتنهد مطولا
انتي كويسة طيب
أجابته بإيجاز
ايوه
سألها بفضول أكبر وهو يحاول طمأنة نفسه
طب .. طب عمرو عملك حاجة أبوكي ضړبك ريحيني
لأ .. امشي بقى مش عاوزة مشاكل الله يخليك
كور مالك قبضة يده وهتف بصوت شبه جاد
وكأن كلماته كانت المسكن لأوجاعها .. فإبتسمت رغما عنها وسط تلك الأنهر المسالة من الدمعات الحارة .. وهمست لنفسها برجاء
يا رب نكون لبعض !
.......................................
أشفقت ميسرة على حاله واعتقدت أنه تشاجر مع إيثار ولم ترغب في مقاطعة عزلته .. فعادت إلى المطبخ لتغسل الصحون الفارغة ..
وقفت روان إلى جوارها وأمسكت بمنشفة جافة لتجفف الصحون المبتلة وتسائلت بفضول
ردت عليها بتنهيدة منهكة
سيبه على راحته
سألتها بلؤم وهي محدقة بها
طب هو الاسعاف كان بيعمل ايه هنا
ردت عليها بصوت متعب
مش قولتلك طنطك تحية تعبت وراحت المستشفى
أضافت قائلة بفضول أكبر
بس أنا سمعت طراطيش كلام آآ..
قاطعتها ميسرة بصوت حاد وهي تجذب المنشفة من يدها
زفرت على عجالة وهي تردد بإمتعاض
ماشي يا عمتو !
......................................
مرت عدة أيام ظلت فيها إيثار حبيسة المنزل ومنقطعة عن الدراسة رغما عنها .. فقد منعها أخيها من الخروج وامتثلت مضطرة إلى أوامره .. كما تعمد أن يوصد الشرفة فحرمت من التمتع بلحظات معدودة من رؤية من خفق لأجله قلبها .. ولكنها لم تحرم من الإستمتاع بموسيقاه الحزينة التي عزفت على أوتار قلبها لتؤكد لها أنه مازال معها وإن كان يفصل بينهما عشرات الجدران ..
الشجية ..
مسحت بأناملها العبرات العالقة بأهدابها وتنهدت قائلة بيأس
أكيد هنشوف بعض قريب !
دفعها عمرو من كتفها للخلف وهو ينهرها بصوت جاف
وسعي شوية سبيها تاخد نفسها !
رمقته بنظرات معترضة وهتفت بإحتجاج
مش وحشاني عاوزة أفضل جمبها !
أردف رحيم قائلا بصوت هاديء
بعدين يا إيثار روحي جهزي لأمك لقمة تاكلها
ردت عليه تحية بصوت مرهق وهي تشير بكفها
مش وقته يا حاج .. أنا هريح شوية
هتفت إيثار بنبرة متحمسة
نورتي البيت يا ست الكل والله مكنش ليه حس من غيرك وآآآ...
قاطعها عمرو بنبرة غليظة وهو يلكزها في جانبها
لازم أشخط فيكي عشان تسمعي الكلام وسعي وسيبي أمك ترتاح !
نظرت له بغيظ وهتفت معاتبة
يا عمرو دي ماما مش كفاية مشوفتهاش الأيام اللي فاتت ومخرجتش خالص من البيت ومرضتش أتكلم
رد عليها بصوت منفعل
وانتي عاوزة تخرجي تعملي ايه بعد اللي هببتيه
هتفت بإستغراب وهي مضيقة لعينيها
مش عندي كلية وامتحانات وآآ...
قاطعها بنبرة جادة للغاية وهو متجهم الوجه
انتي مش هاتروحي إلا ورجلي على رجلك وأنا جبت جدولك خلاص وهاوصلك وأوديكي !
إتسعت حدقتيها في إندهاش عجيب وإنفرجت شفتيها لتردد پصدمة
هاه انت ..إنت بتقول ايه
رد عليها بإقتضاب صارم
ده اللي عندي !
إلتفتت إيثار برأسها نحو أبيها وأشارت بذراعها وهي تقول بنفس النبرة المصډومة
بابا انت سامع عمرو بيقول ايه
أجابها ببرود وهو يحدجها بنظرات قاسېة
ده الصح ولو هو مش فاضي أنا موجود يا إما تفضلي هنا في البيت لحد الامتحانات !
أدركت إيثار أن كلا من أبيها وأخيها حسما أمرها والنقاش معهما بات مستحيلا .. لذا هتفت بصوت يائس وتعابير وجهها مليئة بالإحباط
خلاص اللي تشوفوه !
...........................................
لازم مالك غرفته وظل قابعا بها لفترات طويلة وشاردا وسط ألحانه الحزينة ...
إنزعجت ميسرة مما أصابه وما زاد من حزنها
عليه هو معرفتها لسبب ذلك الضيق الذي يعتريه ..
فقد انقطعت لحظات التواصل المميزة مع ابنة الجيران وأيضا مراقبته إياه جالسا بالشرفة لساعات ومحدقا بالأعلى .. فتأكدت ظنونها بوجود خطب ما بينهما ..
لذا هداها تفكيرها أن ترسل إليه زوجها ليتحدث معه لعله يفيض إليه بما يحبسه في صدره خاصة وأنه يرفض الحديث معها فتوسلت إليه قائلة
روح يا ابراهيم اقعد معاه خليه يفضفضلك يمكن.. يمكن يقولك على اللي مضايقه ده أديله زمن على الحال ده !
أجابها ابراهيم بصوت رخيم
يمكن تعب المذاكرة وآآ...
قاطعته لنبرة متوجسة وهي تهز رأسها معترضة
لأ الموضوع مش مذاكرة دي حاجة تانية أنا قلبي مايكدبش عليا
تنهد مطولا وتابع بإستسلام
طيب .. أنا هاقوم
أشوفه
ابتسمت له إبتسامة باهتة وهي تردد
ربنا يباركلك يا رب ويهديك يا مالك ويريح بالك !
..................................
طرق ابراهيم الباب على مالك ليستأذنه قبل أن يلج للداخل .. فترك الأخير آلة الكمان ورمق زوج عمته بنظرات حزينة وهو يترك الشرفة ..
جلس ابراهيم على طرف الفراش وانضم إليه مالك ..
ظل الصمت سائدا لعدة دقائق قبل أن يقطعه زوج عمته متسائلا بحنو أبوي
ايه اللي تاعبك يا بني
رد عليه مالك بفتور
مافيش
سأله ابراهيم مستفهما
إزاي مافيش ده الكل هنا حاسس بيك وآآ..
اقتضب مالك في حديثه قائلا بإرهاق
صدقني مافيش !
وكيف يخبره بذلك الحزن الدفين الذي بات رفيقه بعد أن حرم من رؤية من أضاءت حياته ..
فلا يمر عليه يوما إلا وبحث عنها بقلبه قبل عينيه بين جموع الطلبة في الحرم الجامعي .. ولا أثر لها .. فيزيد آلمه ويعود يائسا إلى غرفته ثم يمكث بالشرفة معلقا أنظاره بشرفتها لعلها تخرج إليه فتستقبلها عينيه بحنين معاتب لتعذيبها إياه واشتياق جلي لحضورها الآسر ...
ربت ابراهيم على ظهره وشجعه قائلا
طيب انا عاوزك تركز الأيام الجاية في امتحاناتك وبعدها ربك هيعدلها وهينصلح الحال
ابتسم له مالك ابتسامة باهتة وأجابه بإيجاز
إن شاء الله !
...........................................
أحضر محسن طعاما جاهزا وأسنده على مكتبه وهتف متحمسا وهو يفتح العلب المغلقة
قوم مد ايدك يا عمورة حاجة أخر حلاوة !
رد عليه عمرو بفتور وهو يرص الملفات فوق بعضها البعض
ماليش نفس !
أصر محسن قائلا
لالالا مش هاسيبك النهاردة ده أنا عازمك يا سيدي
هز عمرو رأسه معترضا وهو يكمل بنبرة محبطة
متشكر يا محسن والله ما عاوز حاجة
ضيق محسن عينيه ونظر له متفحصا وجهه وسأله مستفهما
الله ! انت مالك بالظبط بقالك فترة أخد جمب ومش زي تملي !
رد عليه بإقتضاب
عادي
وقف محسن قبالته ورمقه بنظرات دقيقة وهو يستأنف حديثه
لا مش عادي خالص ده انا صاحبك ولا تكونش مكسوف مني
لوى عمرو ثغره وهو يجيبه بجمود
ماتقلقش كله بيعدي
انحنى محسن عليه وسأله هامسا
وهو يضرب مؤخرة رأسه
انت عاوز فلوس مزنوق في قرشين أنا رقبتي سدادة وآآآ...
قاطعه عمرو بجدية
مستورة والحمدلله
سألها بفضول أشد وهو يحدجه بنظرات غامضة
اومال في ايه بس
زفر عمرو بصوت مسموع مرددا
الحاجة تعبانة شوية
اعتدل محسن في وقفته وضاقت عينيه بلؤم وهو يهتف بعتاب زائف
تعبانة !!! ألف سلامة عليها ومتقوليش ! عيب عليك يا راجل
التوى فمه مجيبا إياه بإمتعاض
يعني أهو الواحد كان ملبوخ معاها !
سأله محسن بإهتمام
طب هي عاملة ايه الوقتي وديتوها للدكتور أنا أعرف واحد شاطر أوي وآآ...
قاطعه عمرو بجدية
اطمن هي بقت أحسن !
تابع محسن قائلا
أنا ليا عندك حق عرب بقى تخبي عليا حاجة زي دي ده الست الوالدة زي أمي بردك
معلش
أضاف محسن بخبث
طب اسمحلي هارزل عليك واجي بنفسي أشوف الحاجة وأطمن عليها
رد عليه عمرو مبتسما
تأنس وتشرف
إلتوى ثغر محسن بمكر وهو يضيف
الله يخليك يا رب وبعدين عيادة المړيض واجب ولا ايه ............................... !!!!!
.
الفصل الحادي عشر
_ كان ممتعضا عابس الوجه ومكفهر الملامح تلك التقاسيم التي كانت سابقا تنعم بالحيوية والنشاط والمرح .. أختفى كل ذلك الآن عقب هذه الأيام العصيبة التي مر بها حيث وقف أمام
مالك أيوة ياعبدالله لأ لسه منزلتش .. متقلقش مش هتأخر عليكوا يدوب أخلص اللي ورايا وهاجي على المكتب .. مفيش حاجة أنا كويس
_ في هذه اللحظة طرقت ميسرة باب حجرته ودلفت وعلى مبسمها بسمة عذبة فبادلها مالك بالأبتسامة المزيفة ثم نطق ب...
مالك هقفل معاك وأكلمك تاني .. سلام
ميسرة وهي تتقدم حياله وبلهجة استفسارية انت نازل ياحبيبي
مالك وهو يهز رأسه إيجابا أيوة ياعمتو رايح البنك أصرف مرتبات الموظفين وهطلع بعد كدة على المكتب عشان أستاذ فايق عايزني
ميسرة بنبرة مترددة طب .. مش هتتغدي معانا النهاردة ولا أي
مالك وقد إستشف ما يختبئ خلف لسانها عايزة تقولي ايه ياعمتو وماسكة لسانك عنه
ميسرة وهي تطلق زفيرا محتقنا فيك ايه يامالك! ليه مش عايز تطمني وتقولي
_ أستدار مالك ليوليها ظهره ثم تصنع العبث في أشيائه ليتفادى مواجهة الوجه لهذه التي قامت بتربيته وتنشئته وهي أعلم الناس بحاله .. ثم هتف بإيجاز ملحوظ....
مالك مفيش ياحبيبتي متقلقيش عليا لو في حاجة هقولك
_ أمسك بحقيبة قماشية سوداء اللون ثم وضع بها حاسوبه الشخصي الصغير وقام بوضعها محل كتفه ثم أنطلق للخارج ليجد شقيقته المشاغبة الصغيرة فنظرت له بتلهف ممزوج بالحزن وأردفت ب.....
روان مالك .. هي إيثار كويسة!
مالك .......
_ نظر لحدقتيها وقد ظهر بعينيه العجز ثم هز وأسه بالسلب لتفهم هي الإجابة ثم تركها دون أن يتفوه حرفا وخرج ليهبط الدرج فأصطدم برؤية عمرو وهو يدلف عبر بوابة العقار ومعه شخصا غريب الأطوار لم يره من قبل .. في حين بدى له إهتمام عمرو الشديد بذلك الضيف وإبتسامته الواسعة التي غزت وجهه حتي رأه الأخير فتبدلت تقاسيمه ورمقه بنظرات مهينة وهو يردد وكأنه يلثن بالكلام ...
عمرو نورت يامحسن أتفضل بيتك ومطرحك وكفاية أنك راجل واجب وابن أصول
محسن بعدم أهتمام دي أقل حاجة ياعمرو المهم الست أم عمرو تقوملنا بالسلامة
_ نظر