الجمعة 29 نوفمبر 2024

رواية صړخة على الطريق بقلم ډفنا عمر

انت في الصفحة 26 من 32 صفحات

موقع أيام نيوز

عمك واختك سارة وخالتك جمانة أخت ريحانة أمك.
ريحانة!
بقلبه قبل شفتيه همس حروف أسم والدته كأنه يتذوقه الشهد شعر بشوق ولذة يختبرها للمرة الأولى..كثيرا ما حاول تخيل أسمها.. توقع لها أسماء كثيرا في عقله لم يصل أحداهم لجمال هذا الأسم.
أسمها گ عبق الجنة القابع أسفل قدميها لم يكتب له نعيم قربها في الدنيا لكنه سيفعل كل ما بوسعه ليقابلها و يهدي روحها الطاهرة عناقيد عمله الصالح بدنياه حين يآويه الثرى..
جذبه أمين وهو يضم كتفيه برفق يلا ياحبيبي تعالى معايا العيلة والدنيا كلها لازم تعرف انت مين عشان يفرحوا معانا..من انهاردة انت بقيت أهم وأغلى شخص عندي وعند الكل مش هتكون لوحدك تاني.
سحر ما يحياه جسار بلحظة حياته الفارقة جعلته يستجيب لدعوة أبيه وكاد يغادر حيز الغرفة قبل أن يتوقف بغتة ويستدير خلفه لينخلع قلبه مع استدارته تلك وهو يري جده الحبيب ينظر له باكيا بنظرة تشق القلب كأنه يودعه للأبد كأنه فقد الحق به شعور جعل جسار يندفع مثل الطفل ليتشبث به بقوة هاتفا إياك ياجدي إياك أشوف في عيونك النظرة دي تاني محدش هيقدر ياخدني منك ولا يمحي مكانتك في قلبي وحياتي لأنك حتة مني..انت اللي ربتني وتعبت لحد ما كبرتني و ماحرمتنيش من حنانك وحبك آوتني تحت جناحك و حمتني من البرد و چحيم التشرد..ظهور أهلي دلوقت مش هيخليني ابعد عنك بالعكس لو عيلتي اكتملت فانت اهم شخص فيها يا جدي..أنت كبيرنا كلنا ومكانك هيفضل محفوظ
ظل جسار يعانق جده وهو يصيح بكلماته ليثبت له أنه لا يزال عالق بطرف جلبابه كمان كان مازال يحبه وينتمي إليه.. ثم جذب كفه وهو يصيح بمشاعر مفعمة بوفاءه لذاك الرجل تعالى معايا يا جدي عشان زي ما اهلي لأزم يعرفوني لازم كمان يعرفوا الراجل اللي رباني السنين دي كلها و له الفضل الأول والأخير عليا.. صح يا بابا
قالها بعفوية ليرتجف قلب أمين بين ضلوعه من حلاوة النداء الذي انحرم من سماعه القدر خبأ له أجمل هدايته في خريف العمر.. كأنه لم يسمع تلك الكلمة من قبل طيلة عمره.. أما جسار فأعادها عقله ثانيا لتترد داخله وتسد شقوق روحه وتروي أرضه القاحلة التي نبتت بها معجزة هويته من جديد. 
صح يا حبيب ابوك..
قالها أمين داعما له بقوة ثم اقترب من الجد ونظر له بتقدير جم وهو يخبره بما يستحق لو فضلت عمري اللي باقي كله اشكرك
علي تربيتك لابني مش قدر أوفيك حقك يا دكتور نادر.. أنت ربيته بطريقة خلتني فخور بيه..تمسك ابني بيك دلوقت خلاني اتأكدت انك عوضته غياب أهله وكنت له سند حقيقي..ربنا يجازيك خير علي كل حاجة طيبة قدمتها لأبني.. وزي ما قال مفيش حاجة بينكم اتغيرت انت جده وكبيره وكبيرنا احنا كمان وحياة جسار مستحيل تستقر من غيرك.
ابتسم جسار بفخر وسعادة لأبيه وعيناه تشكر له صنيعه ثم نظر للجد الحبيب قائلا شوفت بقى يعني مفيش داعي للحزن اللي شوفته في عيونك ده.. مش هسمح تزعل ولا عيونك تنزل دمعة تاني ياجدي.. 
ثم كفكف جسار دمعاته ليغادر وهو يتوسط والده وعمه وجده الحبيب..متوجهين لمنزل أبيه الذي استدعي بهاتفه الجميع دون توضيح أسباب ليكون لقائهم الأول مع ابنه العائد بين أرجاء بيته كما يجب أن يكون. 
القلوب لا تنتظر صك هوية لتعبر المسافات لمن تحب.
سلطانها نافذ أينما حلت لها عيون ترى وذراع يحتوي.
لا تخطئ طريقها مهما تراكمت أسباب الضلال.
قلبها وحده عرفه قبل أن تظهر ماهية هويته.
شقيقها هو يشاركها الروح والعصب.
سند جديد ولج حياتها ليغيرها ويعطرها بعبق قربه.
كل شيء بدنياها ستتغير معالمه.
صار لها شقيق يحتويها كما تمنت.
جسار هو أخيها.
يالا حلاوة اللقاء بينهما.
لا تدري الآن هل تعانقه ام تنفذ لثنايا أضلعه تختبيء به.
كأنها
تخاف أن تفترق عنه ثانيا.
فلا طاقة لها على الغياب من جديد.
جسار..أخويا.
همستها وهي تقبل كتفه وهو يشتد احتواء حاني لها.
شقيقته كما كان يشعر نحوها دائما.
سارة.
صغيرته مدللته ما بقي له من عمر.
عيون أخوكي كنت حاسس طول الوقت انك قريبة من روحي وحتة مني وصدق إحساسي بيكي يا سارة.
أحنا عرفنا بعض من البداية كنا حاسين بحاجة بتربطنا دلوقت بس قدرت اعمل اللي اتمنيته كتير وانا ببصلك بشعور أخوي كان طاغي عليا..
ومن جديد سحبها في عناق شديد لتطلق هي عنان بكائها وهي تعانق أخيها..هي مثله أدركته منذ زمن..أقطابهما تجاذبت بشكل لم تفهمه حينها جسار أخيها..من ذات الصلب تجري بعروقهما دماء واحدة
يبكيان ويشاركهما ابيهما البكاء وذراعيه تحتويهما الان اكتملت عاىلته وما عاد شعور النقص يغزوه عاد صغيره وما عادت يد البعد تفرقهما بعد ذلك.
عجيب قدره! 
بعد أن كان يعاني الحرمان ويشتهي عناق من أبيه ووالدته.. لأن تتلقفه أيادي وصدور أفراد عائلته بلهفة وحب. الجميع في ذهول تام لمعرفة حقيقته وبركان عاطفة جياشة تفجر بينهم أولاد العم حمزة وريان.. وخالته جمانة شقيقة أمه ريحانته أما سارة فمازالت تنظر له مآخوذة كأنها تحلم بكل ما يحدث.
روح بقي لمراتك عرفها متأكد ان اما تعرف هترجع لوعيها وتسترد صحتها تاني.. أما اللي راح ماتزعلوش عليه لأنه خير.. لولا الجنين اللي ماټ ماكنتش عرفتنا وعرفناك ياحبيبي..
قالها أمين وهو يربت علي ذراعه ليؤكد رضوان أبوك عنده حق ياجسار..ربنا مش بيعمل حاجة وحشة.. وبإذن الله هيجبرك انت وبنتي..
قبلته خالته جمانة وهي تغمغم بحنان وهتجيبوا بنت زي القمر وتسموها ريحانة كمان.. 
ابتسم لها بعاطفة جديدة ولثم يدها ثم قال عندكم حق.. أنا هروح لشمس عشان لازم تكون وسطينا في اللحظة دي.. 
يحمد الله انه وجدها مازالت متيقطة قبل أخذ جرعة مهديء جديدة.. دنى منها وهو يطالعها بنظرة يفيض منها كل حبه وحنانه وهو يهمس شمسي..
التفتت اليه لتقابله بوجه شاحب وبنظرة جامدة خلت منها الحياة تتلوي بجمر ظنها المخيف أن الرجل الذي تزوجته وحملت طفله يمكن أن يكون شقيقها.. الخاطر وحده الذي يذبحها ذبحا ما بال وقع الحقيقة عليها لو صدق ظنها
تريد الكشف عما تكابده وتخاف..بل ټموت هلعا.
حاول الاقتراب منها فابتعدت عنه سريعا كأن عقرب هاجمها تعجب جسار لفعلتها لكنه أرجأ الأمر لحالتها النفسية وتمتم بحنان شمسي عندي ليكي مفاجأة هتخليكي تقومي ترقصي من الفرحة..
رمقته بجمود كأن ما عاد شيء يفرحها حتي واصل 
أنا خلاص عرفت مين أهلي ياشمس..
انتبهت له بعين محدقة بريبة ليستطرد أنا وانتي طلع دمنا واحد كان مكتوب نتقابل ونحب بعض عشان بسببك انتي أوصل لجذوري واعرفها.. أيوة ياشمسالفضل بعد ربنا اني اعرف اهلي هو انتي ياحبيبتي..صحيح فقدنا ابننا بس ربنا عوضني بعيلتي الحقيقية.. 
عيناه تدور على تقاسيم وجهه بحيرة..فرحته وحماس حروفه ينسف ظنها المخيف بقوة!
أنا ابن عمك ياشمسي أبن أمين.
اتسعت عيناها حد الجحوظ المرعب ونهضت من فراشها
وكاد الوهن والضعف يسقطها أرضا ليتلقفها جسار بين ذراعيه ويحول دون سقوطها وشمس تتكئ عليه تحتضن وجهه بين راحتيها هامسة بخفوت مذهول أبن عمي
يعني انت مش... 
مش ايه ياحبيبتي
لبثت نظراتها تتشرب وجهه ثم ضمته إليها بقوة وهي تبكي مهارة مع قولها الحمد لله يارب الحمد لله انك طلعت ابن عمي وحبيبي وجوزي وروحي..
اعتصرها بعناق أشد قوة ثم غمرها بقبلات شوقه ثم وقال أيوة ياحبيبتي انا كل حاجة ليكي وزي ما ربنا جمعني بأهلي هيعوضنا خير.. بس انتي خفي وارجعيلي تاني أنتي وحشتيني ياشمس نوري دنيتي بضحكتك تاني وواثق ربنا يرزقنا بدال اللي راح.
ظلت تعانقه وتبكي الآن فقط عادت لها الحياة..
كل شيء يمكن تعويضه إلا ما كانت تظنه وتخافه.. 
شوفتي القدر يا شمس روحي عرفت اخويا من غير ما افهم ليه منجذبة له.. كنت دايما اقولك مش عارفة اسمي مشاعري ناحية جسار ايه.. دلوقت بس فهمتها.. 
هتفت بها سارة بشرود لتربت على كتفها الأخيرة 
فعلا..أنتي بالذات يا سارة قلبك كان دليلك..
وانتي مفيش مرة حسيتي إن دمك حن لجسار
غامت بعيناها مستعيدة لقطات خاطفة من عمر تعارفهما لتقول حسيتها أول مرة لما قرب مني وبصلي ارتجفت بس حاولت اخبي.. ومرة تانية لما شوفته في مكتبه حزين حسيت بخنقة غريبة مافهمتش سببها.. ولما جه اشتغل معانا فرحت جوايا ولقيتني بعامله بود استغربته فيا وكنت فاكرة اني هكون فظة معاه بس مقدرتش في حاجة كانت بتشدني لجسار بس داريتها عشانك لما افتكرتك بتحبيه بس اما اتجوزنا اتملكت مني اكتر وحسيت انه حتة ولما حكيت لأمي اني متعلقة اوي به قالتلي لأنه حنين..بس هو كمان كان عنده نفس الشعور. 
سبحان الله فعلا دمنا حن لبعضه. 
فعلا ادعيلي يا سارة أقدر اعوضه اللي فات واحققله حلمه بعزوة من صلبه. 
يارب يعوضكم اللي راح حبيبتي. 
عصفت عيناها بحزن كلام الدكتور بيقول انه هيبقي صعب.. 
بس ربنا لا يصعب عليه شيء.. 
أومأت لها ونعم بالله يا
سارة.. 
طب هو فين أخويا 
عمي أمين اخده عنده في الأوضة بتاعته فوق..خلينا نستناهم.. أكيد عمي لسه مش مصدق انه رجعله وعايز يشبع منه..ولعلمك ممكن بابا يصمم تعيشوا معاه في الفيلا. خصوصا لما اتجوز أنا و البيت هيفضى. 
أقرت برأيها زي ما جسار يقرر ولو اني حبيت بيتي اوي. 
عادي يا شمس بيتك هيفضل موجود برضو وتبقي بين هنا وهناك. 
تنهدت الأخيرة ربنا ييسر الخير يا سارة خلي كل حاجة لوقتها.
وافقتها الأخرى وقلبها لا يزال يحتفل بظهور شقيق لها
كم كانت تحبه دون أن تعلم.
يتبع
الفصل السابع عشر
طغيان الشوق اكتسح روحه وهو يتتبع أبيه حيث غرفته سيل المفاجأت والخبايا لا يزال يهطل من سماءه منحة بعد منحة يتلقاها جسار وداخله يذوب حمدا لله من فرط كرمه بعد أن كاد اليأس ېمزق خافقه ولأنه عاش عمرا لا يدري شيئا عن والدته صار بتسأل مثل طفل لحوح فضولي
كلمني عن ماما يا بابا.
كانت بتحب ايه 
پتكره ايه
ملامحها تشبهني
أكيد كانت جميلة صح
ليها معاك صور
أسئلة انسابت من شفتيه وهو يجالس والده فرمقه أمين بحنان طاغي وتركه في موضعه متوجها لزاوية ما بغرفته ومن إحدي الأرفف الموصودة بخزانته جلب له ألبوم صور قديم يحتفظ بين صفحاته بذكراياته القصيرة مع زوجته الراحلة ريحانة.
انتزاعه جسار من يد أبيه بلهفة شديدة و راح يتصفح ألبوم الصور المكتظ ملامحها الحبيبة ليتآوه قلبه وهو يرى ملامح والدته للمرة الأولى وعيناه تحتضن محياها بشغف سحابة دموعه تكثفت وفاضت من عينه لتنهمر دون شعوره وهو ينهل من صورها القديمة وهي شابة جميلة.. هنا تبتسم.. هنا تضحك.. هنا تتعانق بأناملها مع أنامل والده..هنا تأكل.
كلما تصفح الصور كلما ازدادت دموعه ليجرفها أمين له
25  26  27 

انت في الصفحة 26 من 32 صفحات