السبت 23 نوفمبر 2024

مذاق العشق للكاتبة سارة المصري

انت في الصفحة 17 من 71 صفحات

موقع أيام نيوز

من عينيه على النطق بأي شىء ولكن ناظريه المعلقين بايلينا لم يلتقطا اشارته بل تابعاها في صمت تؤلمه دموعها الحبيسة حزنها وخۏفها فى وجوده كم تمنى لو أزاح صوفيا جانبا واحتواها بين ذراعيه حتى تهدأ كم تمنى لو ضغط كفها بين كفيه يمنحها الأمان والعطف يشعر أنه أحق منهم جميعا بها في تلك اللحظات 
يعلم جيدا انها لن تقبل منه اى كلمة بعد ما تفوه به فى الصباح وهو لا يعرف حقا كيف يعتذر كلمات المواساة والاعتذار كلاهما تجمد على لسانه 
خرج الطبيب من عند سمير فهرع الجميع اليه ليضع يده فى جيب معطفه ويتحدث بعمليه بحته 
الاستاذ سمير حالته متأخرة للاسف الجراحة هيا الحل الوحيد رغم انها فى سنه هتبقى مغامرة بس مفيش اختيار تانى 
اقتربت ايلينا وهى تمسح دمعة لم يعطها قلقها على أبيها الرفاهية في محاولة اخفائها 
انا هتمسك بأى امل يرجع بابا لينا 
رد الطبيب وهو يهز رأسه فى تفهم 
الجراحة هتتكلف حوالى 300الف والأمل برضه مش كبير 
هنا تدخل يوسف وقد تضايق من لهجة الطبيب المحبطة مادام فيه امل هنتمسك بيه والفلوس مش مشكلة خالص شوف الأنسب ايه واعمله 
هز الطبيب رأسه ليستأذن الذهاب فنظرت ايلينا الى يوسف تخبره فى حدة 
محدش هيدفع مليم واحد فى علاج بابا 
نظر يوسف ومحمود الى بعضهما البعض فواصلت في حسم 
انا هبيع الكافيه وبابا عنده رصيد كويس فى البنك ولو وصلت هبيع البيت كمان بس مح 
قاطعها محمود وهو يقطب جبينه فى استنكار 
ايه يا ايلينا الكلام الفارغ ده عايزة تبيعى اللى وراكي واللى قدامك واحنا لزمتنا ايه 
واصل يوسف الحديث غير مكترث بما قالته 
سيبك منها يا بابا انا هجهز الفلوس وهتابع كل حاجة بنفسى 
هنا قطبت ايلينا حاجبيها وهتفت فى ڠضب 
انت بتتكلم بصفتك ايه انت بالذات مش هقبل منك حاجة احنا نهينا كل حاجة بينا خلاص نسيت ولا ايه 
وزع محمود نظراته بينهما ليسأل في حذر 
نهيتو ايه ايه الكلام الفاضى ده هوا شغل عيال ولا ايه بتتصرفو من دماغكو ملكوش كبير اسمعو بقا مجرد ما سمير ما يفوق هيتكتب كتابكو وده بناء على رغبته 
التفتت له ايلينا فى تمعن لتتبين صدق ما قاله اهذه خطة جديدة ام ماذا فليكن الأمر ما يكن لقد اكتفت منه وانتهى الأمر 
حضرتك بتقول ايه 
هدأمحمود من نبرته واقترب ليمسك بكتفيها فى رفق هامسا 
حبيتى باباكى عاوز يطمن عليكى وهوا ده اللى حصل صدقينى وهتتأكدى بنفسك اول ما يفوق ان شاء الله 
الفصل العاشر 
نظرت الى يوسف وتذكرت كلامه الچارح صباحا ورفضه المتكرر لها مرة بعد اخرى واتهامها بالتساهل مع أخيه ألجمت انتفاضة كرامتها مشاعرها هذه المرة وانفردت بالقرار فاختنق صوتها وهي تضع النهاية غير قابلة بحلول أخرى مطلقا 
لا ياعمى اسفة مش هفرض وجودى على حد تانى اتفاقنا لحد هنا وانتهى 
والټفت اليه ترمقه بنظرة عاتبه لتذهب من أمامه 
دوى صدى كلمتها في اذنيه اتفاق !!! أي اتفاق دارت كل الأحداث الماضية في رأسه لتتلاحم مع جملتها الأخيرة متأهبة أن تعطه اجابة صريحة على سؤال طالما طرحه عليها ورفضت اعطاءه ولو توضيح الټفت الى ابيه ينهي حيرته 
اتفاق ايه اللى بتتكلم عنه 
زفر محمود فى ضيق يسأله بدوره 
انت فعلا قولتلها انها مفروضه عليك 
ازدرد يوسف لعابه ليقاوم ألمه وهو يتذكر ما أخبرها به صباحا فأشاح بوجهه في توتر ففهم محمود ان ولده قد قال ما هو أبشع فتنهد ليخفى ضيقه ويخبره في لوم 
بص يا يوسف ايلينا الف مين يتمناها واذا كنت فاكر ان احنا فرضناها عليك فالعكس هوا اللى حصل 
نظر له يوسف فى حيرة لم يتركه
أبوه غارقا فيها طويلا ليقص له كل شىء من البداية
فلم يصدق ما سمعه وهتف فى صدمة 
ده الاتفاق اللى تقصدوه يعنى كانت عاوزة تتجوزني عشان كدة بس دخلت معاكو فى لعبه لعبتوها سوا عشان كدة 
رمقه محمود فى صرامة 
البت مكدبتش عليك فى حاجة يا يوسف اتقدمتلك للشغل عادى وانت وافقت وانت بنفسك بعد كدة اللى خلتها مديرة لمكتبك 
تنهد حينها وهو يتذكر أن هذا ما حدث بالفعل نظر اليها وقد وقفت تنظر الى ابيها من خلال النافذة الزجاجية للعناية المركزة نظرة لم يفهم محمود محتواها اهى نظرة ڠضب ام غيظ ام حب ام كل هذه المشاعر امتزجت فى تلك النظرة التى يراها فى عينى ولده للمرة الاولى تابعها فى حيرة حيرة من نفسه قبل كل شىء ولكن لا لن يتركها تنهى لعبتها متى شاءت وبقواعدها هي 
ربما كانت تلك وقتها حجته حجة ساقتها مشاعره أمام غروره وعناده لتبرر رغبته في وجودها 
ضيق عينيه في تمعن حين اتسعت عيناها فجأة وفغرت ثغرها وهى تهتف فى سعادة 
بابا فاق 
حمدلله ع السلامة يا بابا 
قالتها ايلينا وهى تقبل كف ابيها الذى قرب جبينها منه ليقبله فهمست اليه فى عتاب 
كدة برضه يا بابا تخبى عليا 
ابتسم وهو يمرر يده على رأسها 
الظاهر خلاص يا ايلينا مبقاش فيه فايدة من المقاوحة اكتر من كدة 
قاطعه محمود في صرامة امتزجت بكثير من العطف 
متقولش كدة يا راجل ان شاء الله تقوم بالسلامة وتفرح بيهم 
اضافت ايلينا وهى تصدق على كلمات محمود 
ايوة يا بابا ان شاء الله تعمل العملية وتقوم وبالسلامة 
وضع سمير يده على صدره وتنهد فى الم 
عملية ايه بس دى غالية اوى والامل فيها مش كبير 
تخلص يوسف من صمته أخيرا هذه المرة 
ملكش دعوة بالمصاريف خالص ياعمى احنا مش اهل ولا ايه 
نظرت له ايلينا فى ضيق بينما رد محمود بابتسامة ممتنة 
تعيش يا يوسف انا كل اللى بفكر فيه دلوقتى علي وايلينا لو جرالي حاجة مش هيبقا ليهم حد غيركو 
دمعت عينا ايلينا وهمست بصوت متلعثم وقد ارتعد داخلها لمجرد الخاطرة 
بابا متقولش كدة انت هتعمل العملية وهتبقى كويس 
نظر سمير اليها وواصل فى حنان 
انا خاېف عليكي انتي بالذات ايلينا ابن عمك شكله مش هيجيبها البر ابدا 
قطب يوسف حاجبيه متسائلا في حيرة 
ابن عمها ايه الحكاية بالظبط 
تنهد سمير ليخبره 
طلبها للجواز وانا رفضت مش فارق معاه كونها مخطوبة من غيره طول الوقت عمال يهددنى ويهددها 
نظر يوسف الى ايلينا هاتفا فى استنكار 
انتى ازاى متقوليليش على حاجة زى دى 
رمقته بنظرة معناها وهل كنت تهتم يوما بشىء يتعلق بي أفحمته نظرتها فازدرد ريقه وهو يقول بنبرة أهدأ 
متخافش ياعمي محدش يقدر يأذي ايلينا وانا على وش الدنيا ومادام الموضوع وصل لكدة يبقى اسمحلي اناعارف انه مش وقته بس لو هنعجل بكتب الكتاب يكون أفضل 
نظر الجميع اليه فى ذهول وأولهم ايلينا هل طلب الزواج حقا هل جن هذا الرجل وسيدفعها للجنون معه عن أي زواج يتحدث تهكمت فى نفسها حين فهمت مقصده فالموقف لا يحتاج الى شرح مطلقا شهامة ليس اكثر شفقة ربما تختلف أسبابه ولكنها تتفق في اجباره على الزواج من جديد ولكن بشكل غير مباشر قبلت أن تجبره سابقا وهي تنكر حبها له مدعية رغبتها في اصلاحه أما اليوم وكل جزء من كيانها يصدح بعشقه لن ترضى بشفقة او شهامة تفاجئت بسمير يرد نيابة عنها 
انا عن نفسي موافق لما تتجوزو محدش هيقدر ييجي جنبها لا ابن عمها ولا غيره 
حملقت به ايلينا أبوها قد وصل خشيته عليها حد الذعر حد قبوله بيوسف وهو يعرف عنه ما تعرفه اذن قد استسلم لمرضه ويأسه 
تابع محمود الحديث عنه فى سعادة 
يبقى خلاص على بركة الله نكتب الكتاب وبعدها نستناك تقوم بالسلامة من العمليه عشان نعمل الفرح 
تردد سمير قائلا 
عملية بس انتو عا 
قاطعته ايلينا هذه المرة وهى تعرف طريقها جيدا بابا لازم تعرف ان مفيش جوازة هتتم من قبل ما توافق انك تعمل العملية 
نظر لها سمير بابتسامة يسألها في رفق 
انتى بتساوميني يا بنت انتى 
وبرغم انها كانت مزحة الا انها كانت حقيقة لقد كانت بالفعل تساومه وهو تقبل مساومتها تلك بصدر رحب يعلم أن ابنته تحب هذا اليوسف تحب للمرة الأولى في حياتها ويشعر من نظرات يوسف اليها أنه يبادلها الشعور ذاته ولكن بعده لم يرضخ يعلم أن ابنته قوية وستغير فيه الكثير فقديما عشقه لأمها غير حياتهما سويا ربما تكررت القصة من جديد من يدري 
تم عقد قرانهما بالفعل فى المشفى ورغم السعادة التى حلقت فوق الجميع الا ان الحزن والقلق كان من نصيبها وهى تشعر ان حبيبها يتزوجها رغما عنه للمرة الثانية وان ادعى عكس ذلك ليحافظ على ماء وجهه لا أكثر نعم تغير وقد ا هذا التغيير ووقعت فى غرام يوسف الجديد بكل ما فيه حتى بغروره وعنجهيته ڠرقت بكل مشاعرها وكيانها فى كل تفاصيله ولن تقبل منه ابدا بأقل مما تشعر به تجاهه لن تقبل ان تعيش عذابات حبه وحدها لتكون وسيلته لارضاء غروره كرجل ليس اكثر 
أما الحيرة فكانت من نصيبه هو يرى غيامة حزن تعكر صفحة وجهه الصافي اهو ندم 
ام انها تخشى تلك الخطوة وتفتقد الامان معه 
ام لأن لعبتها خرجت عن الحد الذى رسمته لها 
أم هو قلقها على أبيها 
انفرد كل منهما بالآخر بعد عقد القران فى حديقة المشفى 
طال الصمت بينهما كأن كل منهما يعطي للاخر فرصة فى توضيح موقفه أولا 
كانت هى الأسرع فى ټمزيق هذا الصمت السخيف فقالت وهي تنظر امامها 
على فكرة انا وافقت على الجواز بس عشان بابا يوافق يعمل العملية لكن متخافش مش هدبسك معايا كتير 
عض يوسف على شفتيه فى غيظ وهو يتذكر كلماته الوقحة وهمس في خجل 
انا اسف مقصدتش المعنى ده ابدا 
ابتسمت فى حزن قائلة 
متعتذرش انت فعلا معاك حق أنا فعلا زودتها انت رفضتني اكتر من مرة وكان لازم يكون عندى كرامة 
كاد ان ېصرخ بها أن تتوقف ولكنها واصلت 
انا طبعا بشكرك على شهامتك ووقفتك معايا واوعدك ان التدبيسة دى مش هتستمر كتير وبمجرد ما بابا يفوق ويبقى كويس هننفصل وتقدر تشوف حياتك 
ولم تمهله فرصة للرد ابدا فلو امهلته ستحرم نفسها من الاحتفاظ بكرامتها للحظة الأخيرة سيرى دموعها التى اخفتها عنه فى كبرياء وأطلقت عنانها بمجرد أن أعطته ظهرها كيف سمحت لنفسها بالتورط في حبه هكذا !! كيف 
راقبها في ألم وهي تختفي من أمامه وسخطه على ذاته يزداد لماذا لم ينتزعها من افكارها السخيفة هذه 
لماذا يرفض ان يعترف لنفسه بانه لايتحمل فكرة ابتعادها 
يرفض هجرها 
يكره حزنها 
يمقت شعورها بالخۏف فى وجوده 
يحب قوتها عنادها مشاكستها 
كل شىء فيها يثير جنونه 
لماذا لم يستجب لمشاعره وألجم جسده الذي كاد أن يتحرك ليزرعها بين ذراعيه بقوة لتكون تلك الاجابة الصحيحة والرد المناسب على كل ما زعمته 
كانت صوفيا فى غرفتها تضع اللمسات الاخيرة لبورتريه خاص مزجت فيه الالوان بشكل رائع فبدت حتى أجمل بكثير من الصور التى التقطتها للنيل فى الغروب تأملته فى رضا قبل ان تزيحه جانبا وتستلقى على فراشها وهي تتأوه
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 71 صفحات